وقفتُ على ربعٍ لميَّة َ ناقتي |
فَمَا زِلْتُ أَبْكِي عِنْدَهُ وأُخَاطِبُهْ |
وَأُسْقِيهِ حَتَّى كَادَ مِمَّا أَبِثُّهُ |
تُكلِّمُني أحجارُهُ وملاعبهْ |
بأجرعَ مقفارٍ بعيدٍ منَ القُرى |
فَلاَة ٍ وَحُفَّتْ بِالْفَلاَة ِ جَوَانِبُهْ |
بِهِ عَرَصَاتُ الْحَيِّ قَوَّبْنَ مَتْنَهُ |
وَجْرَّدَ أَثْبَاجَ الْجَرَاثِيمِ حَاطِبُهْ |
تُمَشِّي بِهِ الثّيِرَانُ كُلَّ عَشِيَّة ِ |
كما اعتادَ بيتَ المرزُبانِ مرازبُهْ |
كَأَنَّ سَحِيقَ الْمِسْكِ رَيَّا تُرَابِهِ |
إذا هضبتهُ بالطِّلالِ هواضبهْ |
إذا سيَّرَ الهيفُ الصَّهيلَ وأهلَهُ |
مِنَ الصَّيْفِ عَنْهُ أَعْقَبَتْهُ نَوَازِبُهْ |
نَظَرْتُ إِلَى أَظْعَانِ مَيّ كَأَنَّهَا |
مولّية ً ميسٌ تميلُ ذوائبهْ |
فأبديتُ منْ عينيَّ والصدرُ كاتمٌ |
بِمُغْرَوْرِقٍ نَمَّتْ عَلَيْهِ سَوَاكِبُهْ |
هَوَى آلِفٍ جآءَ الْفِرَاقُ فَلَمْ تُجِلْ |
جوَآئِلَهَا أَسْرَارُهُ وَمَعَاتِبُهْ |
ظَعَآئِنُ لَمْ يَحْلُلْنَ إِلاَّ تَنُوفَة ً |
عَذَاة ً إِذَا مَا الْبَرْدُ هَبَّتْ حَنَائِبُهْ |
تعرَّجنَ بالصَّمّانِ حتَّى تعذَّرتْ |
عَلَيْهِنَّ أَرْبَاعُ اللّوَى وَمَشَارِبُهْ |
وَحَتَّى رَأَيْنَ الْقِنْعَ مِنْ فَاقِىء ِ السَّفَا |
قدِ انتسجتْ قريانهُ ومذانبهُ |
وَلاَ زَالَ فِي أَرْضِي عَدُوٌّ أُحَارِبُهْ |
أساريعُ معروفٍ وصرَّتْ جنادبهْ |
فأصبحنْ بالجرعاءِ جرعاءِ مالكٍ |
وآلُ الضُّحى تزهى الشُّبوحَ سبائبهْ |
فَلَمَّا عَرَفْنَا آيَة َ البَيْنِ بَغْتَة ً |
ورُدَّتْ لأحداجِ الفراقِ ركائبهْ |
وَقَرَّبْن لِلأَظْعَانِ كُلَّ مُوَقَّعٍ |
مِنَ الْبُزْلِ يُوفِي بالْحَوِيَّة ِ غَارِبُهْ |
ولم يستطعْ إلفٌ لإلفٍ تحيَّة ً |
منَ الناسِ إلاّ أنْ يسلِّمَ حاجبهْ |
تراءى لنا منْ بينِ سجفينِ لمحة ً |
غزالٌ أحمُّ العينِ بيضٌ ترائبهْ |
إِذَا نَازَعَتْكَ الْقَوْلَ مَيَّة ُ أَو بَدَا |
لكَ الوجهُ منها أو نضا الدَّرعَ سالبهْ |
فيا لكَ من خدٍّ أسيلٍ ومنطقٍ |
رخيمٍ ومنْ خلقٍ تعلَّلَ جادبُهْ |
أَلاَ لاَ أَرَى مِثْلَ الْهَوَى دَآءَ مُسْلِمٍ |
كَرِيمٍ وَلاَ مِثْلَ الْهَوَى لِيْمَ صَاحِبُهْ |
مَتَى يَعْصِهِ تُبْرِحْ مُعَاصَاتُهُ بِهِ |
وَإِنْ يَتَّبِعْ أَسْبَابَهُ فَهْوَ غَالِبُهْ |
مَتَى تَظْعَنِي يَا مَيُّ عَنْ دَارِ جِيرَة ٍ |
لَنَا وَالْهَوَى بَرْحٌ عَلَى مَنْ يُغَالِبُهْ |
أَكُنْ مِثْلَ ذِي الأُلاَّفِ لُزَّتْ كُرَاعُهُ |
إلى أختها الأخرى وولَّى صواحبهُ |
تَقَاذَفْنَ أَطْلاَقاً وَقَارَبَ خَطْوَهُ |
عنِ الذَّودِ تقييدٌ وهنَّ حبائبهْ |
نأينَ فلا يسمعنَ إنْ حنَّ صوتهُ |
وَلاَ الْحَبْلُ مُنْحَلٌّ وَلاَ هُوَ قَاضِبُهْ |
وأشعثَ قدْ قايستهُ عرضَ هوجلٍ |
سَوَآءٌ عَلَيْنَا صَحْوُهُ وَغيَاهِبُهْ |
ومُخترَقٍ خاوي الممرِّ قطعتهُ |
بِمُنْعَقِدٍ خَلْفَ الشَّرَاسِيْفِ حَالِبُهْ |
يَكَادُ مِنَ التَّصْدِيرِ يَنْسَلُّ كُلَّمَا |
ترنَّمَ أو مسَّ العمامة َ راكبهْ |
طويلِ النَّسا والأخدعينِ عُذافرٍ |
مُضَبَّرَة ٍ أَوْرَاكُهُ وَمنَاكِبُهْ |
كأنَّ يماميّاً طوى فوقَ ظهرهِ |
صفيحاً يُداني بينهُ ويُقاربهْ |
إِذَا عُجْتُ مِنْهُ أَوْ رَأَى فَوْقَ رَحْلِهِ |
تَحَرُّكَ شَيءٍ ظَنَّ أَنِّيَ ضَارِبُهْ |
كأنِّي ورحلي فوقَ سيِّدِ عانة ٍ |
منَ الحقبِ زمامٍ تلوحُ مَلاحبُهْ |
رَعَى مَوْقِع الْوَسْمِيِّ حَيْثُ تَبَعَّقَتْ |
عزالي السَّواحي وارثعنَّتْ هواضبهْ |
لهُ واحفٌ فالصُّلبُ حتى تقطَّعتْ |
خلافَ الثُّريَّا منْ أريكٍ مآربُهْ |
يُقلِّبُ بالصَّمانِ قوداً جريدة ً |
ترامى به قيعانهُ وأخاشبهْ |
وَيَوْمٍ يُزِيرُ الظَّبْيَ أَقْصَى كِنَاسِهِ |
وتنزو كنزوِ المُعلقاتِ جنادبُهْ |
أَغَرَّ كَلَوْنِ الْمِلْحِ ضَاحِي تُرَابِهِ |
إِذَا اسْتَوْقَدَتْ حِزَّانُهُ وَسَبَاسِبُهْ |
تلثَّمتُ فاستقبلتُ منْ عنفوانهِ |
أُوَاراً إِذَا مَا أَسْهَلَ اسْتَنَّ حَاصِبُهْ |
إذا جعلَ الحرباءُ يبيضُّ لونهُ |
وَيَخْضَرُّ مِنْ لَفْحِ الْهَجِيرِ غَبَاغِبُهْ |
وَيَشْبَحُ بِالْكَفَّيْنِ شَبْحاً كَأَنَّهُ |
أَخُو فُجْرَة ٍ عَالَى بِهِ الْجِذْعَ صَالِبُهْ |
عَلَى ذَاتِ أَلَوَاحٍ طِوَالٍ وَكَاهِلٍ |
أنافتْ أعاليه ومارتْ مناكبهْ |
وَأَعْيَس قَدْ كَلَّفْتُهُ بُعْدَ شُقَّة ٍ |
تعقَّدَ منهُ أبيضاهُ وحالبهْ |
متى يُبلني الدهر الذي يرجعُ الفتى |
على بدئهِ أو تشتعبني شواعبهْ |
ركبتُ بهِ عوصاءَ ذاتَ كريهة ٍ |
وَزَوْرَآء حَتَّى يَعْرِفَ الضَّيْمَ جَانِبُهْ |
وأزورَ يمطو في بلادٍ عريضة ٍ |
تعاوى به ذؤبانهُ وثعالبهْ |
إلى كلِّ ديّارٍ تعرَّفنَ شخصهُ |
من القفرِ حتى تقشعِرَّ ذوائبهْ |
تعسَّفتهُ أسري على كورِ نضوة ٍ |
تُعاطي زمامي تارة ً وتُجاذبهْ |
أَخُو قَفْرَة ٍ مُسْتَوْحِشٌ لَيْسَ غَيْرُهُ |
ضعيفُ النِّداءِ أصحلُ الصَّوتِ لاغبهْ |
فجاءتْ بسَجلٍ طعمه منْ أُجونهِ |
كما شابَ للمورودِ بالبولِ شائبهْ |
وجاءتْ بنسجٍ منْ صناعٍ ضعيفة ٍ |
تنوسُ كأخلاقِ الشَّفوفِ ذعالبهْ |
هِيَ انْتَسَجَتْهُ وَحْدَهَا أَوْ تَعَاوَنَتْ |
على نسجهِ بينَ المثابِ عناكبهْ |
دفقناهُ في بادي النَّشيئة ِ داثرٍ |
قَدِيمٍ بِعَهْدِ النَّاسِ بُقْعٍ نَصَآئِبُهْ |
على ضُمَّرٍ هيمٍ فراوٍ وعائفٌ |
ونائلُ شيءٍ سيِّءُ الشُّربِ قاصبهْ |
سُحيراً وآفاقُ السَّماءِ كأنَّها |
بِهَا بَقَرٌ أَفْتَآؤُهُ وَقَرَاهِبُهْ |
تَؤُمُّ فَتى ً مِنْ آلِ مَرْوَانَ أُطْلِقَتْ |
يداهُ وطابتْ في قريشٍ مضاربهْ |
ألا ربَّ منْ يهوى وفاتي ولو أتتْ |
وفاتي لذلَّتْ للعدوِّ مراتبهْ |
وَقَآئِلَة ٍ تَخْشَى عَلَيَّ أَظُنُّهُ |
سيودي بهِ ترحالهُ ومذاهبُهْ |