أيُّ العُيُونِ تُجَانِبُ الأقْذاءَ
|
ام اي قلب يقطع البرجاءَ
|
وَالمَوْتُ يَقنِصُ جَمْعَ كُلّ قَبيلَة ٍ
|
قنص المريع جأ ذراً وظباءَ
|
يتناول الضب الخبيث من الكدى
|
ويحط من عليائها الشغواءَ
|
تبكي على الدنيا رجال لم تجد
|
للعُمْرِ مِنْ داءِ المَنُونِ شِفَاءَ
|
والدهر مخترم تشن صروفه
|
في كُلّ يَوْمٍ، غَارَة ً شَعوَاءَ
|
انا بنو الدنيا تسير ركابنا
|
وَتُغالِطُ الإدْلاجَ وَالإسْرَاءَ
|
وكأننا في العيش نطلب غاية
|
وَجَميعُنا يَدَعُ السّنِينَ وَرَاءَ
|
اين المقاول والغطارفة الاولى
|
هَجَرُوا الدّيارَ، وَعَطّلُوا الأفنَاءَ
|
فاخلِطْ بصَوْتِكَ كلَّ صَوْتٍ وَاستَمعْ
|
هل في المنازل من يجيب دعاءَ
|
واشمم تراب الارض تعلم انها
|
جَرْبَاءُ تُحدِثُ كُلّ يَوْمٍ داءَ
|
كَمْ رَاحِلٍ وَلّيْتُ عَنهُ، وَمَيّتٍ
|
رجعت يدي من تربة غبراءَ
|
وكذا مضى قبلي القرون يكبهم
|
صَرْفُ الزّمَانِ تَسَرُّعاً وَنَجَاءَ
|
هَذا أمِيرُ المُؤمِنِينَ، وَظِلُّهُ
|
يَسَعُ الوَرَى ، وَيُجَلّلُ الأحْيَاءَ
|
نَظَرَتْ إلَيْهِ مِنَ الزّمَانِ مُلِمّة ٌ
|
كَاللّيثِ لا يُغضِي الجُفُونَ حَيَاءَ
|
واصابه صرف الردى برزية
|
كالرّمْحِ أنْهَرَ طَعْنَة ً نَجْلاءَ
|
ماذا نؤمل في اليراع اذا نشت
|
ريح تدق الصعدة الصماءَ
|
غصف الردى بمحمد ومذمم
|
فكانما وجد الرجال سواءَ
|
ومصاب ابلج من ذؤابة هاشم
|
وَلَجَ القُبُورَ وَأزْعَجَ الخُلَفَاءَ
|
وَتَرَ الرّدَى مَنْ لَوْ تَناوَلَ سَيفَهُ
|
يَوْماً، لَنَالَ مِنَ الرّدَى مَا شَاءَ
|
غصن طموح عطفته منية
|
للخابطين وطاوع النكباءَ
|
يا رَاحِلاً وَرَدَ الثّرَى في لَيْلَة ٍ
|
كاد الظلام بها يكون ضياءَ
|
لما نعاك الناعيان مشى الجوى
|
بَينَ القُلُوبِ وَضَعضَعَ الأحْشَاءَ
|
واسود شطر اليوم ترجف شمسه
|
قَلَقاً، وَجَرّ ضِيَاؤهُ الظّلْمَاءَ
|
وَارْتَجّ بَعدَكَ كُلُّ حيٍّ بَاكِياً
|
فكانما قلب الصهيل رغاءَ
|
قبرٌ تشبث بالنسيم ترابه
|
دُونَ القُبُورِ، وَعَقّلَ الأنْوَاءَ
|
تلقاه ابكار السحاب وعونها
|
تَلقَى الحَيَا، وَتُبَدّدُ الأنْداءَ
|
متهلل الجنبات تضحك ارضه
|
فَكَأنّ بَينَ فُرُوجِهِ الجَوْزَاءَ
|
أوْلى الرّجَالِ بِرَيّ قَبْرٍ مَاجِدٍ
|
غَمَرَ الرّجَالَ تَبَرّعاً وَعَطَاءَ
|
وَلَوَ أنّ دُفّاعَ الغَمَامِ يُطِيعُني
|
لجَرَى عَلى قَبْرِ اللّئِيمِ غُثَاءَ
|
لا زال تنطف فوقه قطع الحيا
|
بمجلجل يدع الصخور رواءَ
|
وَتَظُنّ كُلَّ غَمَامَة ٍ وَقَفَتْ بِهِ
|
تبكي عليه تودداً وولاءَ
|
وَإذا الرّياحُ تَعَرّضَتْ بتُرَابِهِ
|
قلنا السماء تنفس الصعداءَ
|
ايها تمطر نحوك الداءُ الذي
|
قرض الرجال وفرَّق القرباءَ
|
إنّ الرّمَاحَ رُزِئْنَ مِنكَ مُشَيَّعاً
|
غَمْرَ الرّداءِ مُهَذَّباً مِعطَاءَ
|
وطويل عظم الساعدين كانما
|
رفعت بعمته الجياد لواءَ
|
ولقين بعدك كل صبح ضاحك
|
يَوْماً أغَمّ وَلَيْلَة ً لَيْلاءَ
|
انعاك للخيل المغيرة شزباً
|
وَاليَوْمَ يَضْرِبُ بالعَجاجِ خِبَاءَ
|
ولخوض سيفك والفوارس تدعى
|
حَرْباً يَجُرّ نِداؤها الأسْمَاءَ
|
وَغَيَابَة ٍ فَرّجْتَها، وَمَقَامَة ٍ
|
سددت فيها حجة غراءَ
|
وخلطت اقوال الرجال بمقول
|
ذرب كما خلط الضراب دماءَ
|
ومطية انضيتها وكلاكما
|
تَتَنَازَعَانِ السّيْرَ وَالإنْضَاءَ
|
ان البكاء عليك فرض واجب
|
وَالعَيشُ لا يُبكَى عَلَيْهِ رِيَاءَ
|
بأبيكَ، يَطمَحُ نَحوَ كُلّ عَظيمَة ٍ
|
طرف تعلم بعدك الاغضاءَ
|
فاسلم امير المؤمنين ولا تزل
|
تجري الجياد وتحرز الغلواءَ
|
فَإذا سَلِمْتَ مِنَ النّوَائِبِ أصْبَحتْ
|
تَرْضَى ، وَنَرْضَى أنْ يكُونَ فِداءَ
|
وَلَئِنْ تَسَلّطَتِ المَنُونُ لَقد أتَتْ
|
ما رد لوم اللائمين ثناءَ
|
وَهَبَتْ لَنَا هَذا الحُسَامَ المُنْتَضَى
|
فِينَا، وَهَذي العِزّة َ القَعسَاءَ
|
نهنهت بادرة الدموع تجملاً
|
والعين تؤنس عبرة وبكاءَ
|
فاستَبقِ دَمعَكَ في المَصائبِ وَاعلَمن
|
أنّ الرّدَى لا يُشْمِتُ الأعْداءَ
|
وتسل عن سيف طبعت غراره
|
وَأعَرْتَ شَفْرَتَهُ سَناً وَمَضَاءَ
|
فَلَقَدْ رَجَعْت عنِ المُطيعِ بسَلوَة ٍ
|
مِنْ بَعد مَا جَرَتِ الدّموعُ دِمَاء
|
والابن للاب ان تعرض حادث
|
أوْلَى الأنَامِ بأنْ يَكُونَ وِقَاء
|
وَإذا ارْتَقَى الآبَاءُ أمنَعَ نَجوَة ٍ
|
فدع الردى يستنزل الابناءَ
|
وَرَدَ الزّمَانُ بِهِ وَأوْرَدَهُ الرّدَى
|
بَغياً، فأحسَنَ مَرّة ً، وَأسَاءَ
|
ورمى سنيه الى الحمام كانما
|
ألقَى بِهَا عَنْ مَنكِبَيهِ رِداءَ
|
فلتعلم الايام انك لم تزل
|
تفري الخطوب وتكشف الغماءَ
|
خَضَعَتْ لكَ الأعداءُ يَوْمَ لَقِيتَها
|
جلداً تجرد للمصاب عزاءَ
|
وَتَمَطّتِ الزّفَرَاتُ، حتى قَوَّمَتْ
|
ضلعاً على اضغانها عوجاءَ
|
وَمُضَاغِنٍ مَلآنَ يَكْتُمُ غَيْظَهُ
|
جزعاً كما كتم المزاد الماءَ
|
مُتَحَرِّقٌ، فَإذا رَأتْكَ لِحَاظُهُ
|
نَسِيتْ مَجامِعُ قَلبِهِ الشّحْناءَ
|
وأما وجودك انه قسم لقد
|
غمر القلوب وانطق الشعراءَ
|
وانا الذي واليت فيك مدائحاً
|
وَعَبَأتُ للباغي عَلَيْكَ هِجَاءَ
|
وَنَفَضْتُ إلاّ مِنْ هَوَاكَ خَوَاطرِي
|
نَفْضَ المُشَمِّرِ بالعَرَاءِ وِعَاءَ
|
فَاسْلَمْ، وَلا زَالَ الزّمَانُ يُعِيرُني
|