لِغَيْرِ العُلَى مِنّي القِلَى وَالتّجَنّبُ
|
ولولا العلى ما كنت في الحب ارغب
|
إذا اللَّهُ لمْ يَعذُرْكَ فِيمَا تَرُومُهُ
|
فما الناس الا عاذل أو مؤنب
|
ملكت بحلمي فرصة ما استرقتها
|
مِنَ الدّهْرِ مَفتُولُ الذّرَاعَينِ أغلبُ
|
فإنْ تَكُ سِنّي ما تَطاوَلَ بَاعُهَا
|
فلي من وراء المجد قلب مدرب
|
فحسبي اني في الاعادي مبغض
|
وَأنّي إلى غُرّ المَعَالي مُحَبَّبُ
|
وللحلم اوقات وللجهل مثلها
|
وَلَكِنّ أوْقَاتي إلى الحِلْمِ أقْرَبُ
|
يَصُولُ عَليّ الجَاهِلُونَ، وَأعتَلي
|
ويعجم فيَّ القائلون واعرب
|
يَرَوْنَ احتِمَالي غُصّة ً، وَيَزِيدُهمْ
|
لواعج ضغن انني لست اغضب
|
وَأُعرِضُ عَنْ كأسِ النّديمِ، كأنّها
|
وَميضُ غَمامٍ، عائرُ المُزْنِ خُلّبُ
|
وَقُورٌ، فَلا الألحَانُ تَأسِرُ عَزْمَتي
|
وَلا تَمكُرُ الصّهبَاءُ بي، حينَ أشرَبُ
|
ولا اعرف الفحشاء الا بوصفها
|
ولا انطق العوراء والقلب مغضب
|
تَحَلّمُ عَنْ كَرّ القَوَارِضِ شِيمتي
|
كان معيد المدح بالذم مطنب
|
لساني حصاة يقرع الجهل بالحجى
|
إذا نَالَ مِنّي العَاضِهُ المُتَوَثّبُ
|
ولست براض ان تمس عزائمي
|
فضالات ما يعطى الزمان ويسلب
|
غَرَائِبُ آدابٍ حَبَاني بِحِفْظِهَا
|
زماني وصرف الدهر نعم المودب
|
تُرَيّشُنَا الأيّامُ ثُمّ تَهِيضُنَا
|
الانعم ذا البادي وبئس المعقب
|
نَهَيْتُكَ عَنْ طَبعِ اللّئَامِ، فإنّني
|
ارى البخل يأتي والمكارم تطلب
|
تعلم فان الجود في الناس فطنة
|
تناقلها الاحرار والطبع اغلب
|
تَضَافِرُني فيكَ الصّوَارِمُ وَالقَنَا
|
وَيَصْحَبُني مِنكَ العُذَيقُ المُرَجَّبُ
|
نصَحتُ وَبعضُ النّصْحِ في الناس هُجنة ٌ
|
وَبَعضُ التّناجي بالعِتَابِ تَعَتُّبُ
|
فان انت لم تعط النصيحة حقها
|
فرب جموح كلّ عنه المؤنب
|
سقى الله ارضاً جاور القطر روضها
|
اذ المزن تسقي والاباطح تشرب
|
ذكَرْتُ بهَا عَصرَ الشّبابِ، فحسرَة ً
|
أفَدْتُ وَقد فاتَ الذي كنتُ أطلُبُ
|
سكنتك والايام بيض كانها
|
من الطيب في اثوابنا تتقلب
|
ويعجبني منك النسيم اذا هفا
|
الا كل ما سرَّى عن القلب معجب
|
وَفي الوَطَنِ المَألُوفِ للنّفْسِ لَذّة ٌ
|
وان لم ينلنا العز الا التقلب
|
وبرق رقيق الطرتين لحظته
|
اذا الجو خوار المصابيح اكهب
|
فَمَرّ كَمَا مَرّتْ ذوَائِبُ عُشْوَة ٍ
|
تُقَادُ بِأطْرَافِ الرّمَاحِ وَتُجنَبُ
|
نظرت والحاظ النجوم كليلة
|
وهيهات دون البرق شأ ومغرب
|
فَمَا اللّيْلُ إلاّ فَحْمَة ٌ مُستَشَفّة ٌ
|
وَمَا البَرْقُ إلاّ جَمْرَة ٌ تَتَلَهّبُ
|
أمِنْ بَعْدِ أنْ أجلَلْتَها وَرَقَ الدّجى
|
سراعاً واغصان الازمة تجذب
|
وَعُدْنَا بِهَا مَمْغُوطَة ً بِنُسُوعِها
|
كما صافح الارض السراء المعبب
|
كَأنّ تَرَاجيعَ الحُداة ِ وَرَاءَهَا
|
صَفِيرٌ تَعاطَاهُ اليَرَاعُ المُثَقَّبُ
|
وردن بها ماء الظلام سواغباً
|
وَللّيْلِ جَوٌّ بالدّرَارِيّ مُعْشِبُ
|
تنفر ذود الطير عن وكراتها
|
فَكُلٌّ، إذا لاقَيْتَهُ، مُتَغَرِّبُ
|
وتلتذ رشف الماء رنقاً كأنه
|
مَعَ العِزّ ثَغْرٌ بَارِدُ الظَّلْمِ أشْنَبُ
|
اذعنا له سر الكرى من عيوننا
|
وسر العلى بين الجوانح يحجب
|
حرام على المجد ابتسامي لقربه
|
وما هزني فيه العناء المقطب
|
تَهُرّ ظُنُوني في المَآرِبِ إرْبَة ٌ
|
ويجنب عزمي في المطالب مطلب
|
ودهماء من ليل التمام قطعتها
|
أُغَنّي حِداءً، وَالمَرَاسِيلُ تَطرَبُ
|
وَلَوْ شِئْتُ غَنّتْني الحَمامُ عَشِيّة ً
|
ولكنني من ماء عيني اشرب
|
أقولُ إذا خاضَ السّميرانِ في الدّجى
|
أحَاديثَ تَبدُو طَالِعَاتٍ وَتَغْرُبُ
|
الا غنياني بالحديث فانني
|
رأيت الذ القول ما كان يطرب
|
غناء اذا خاض المسامع لم يكن
|
اميناًعلى جلبابه المتجلبب
|
وَنَشوَانَ مِنْ خمرِ النعاسِ ذَعَرْتُه
|
وَطَيفُ الكَرَى في العينِ يطفو وَيرْسُبُ
|
له مقلة يستنزل النوم جفنها
|
إلَيْهِ كمَا استَرْخى على النّجمِ هيدبُ
|
سَلكتُ فِجاجَ الأرْضِ غُفلاً وَمَعلماً
|
تجد بها ايدي المطايا وتلعب
|
وما شهوتي لوم الرفيق وانما
|
كما يَلتقي في السّيرِ ظِلفٌ وَمِخلَبُ
|
عَجِبْتُ لغَيرِي كَيفَ سَايَرَ نجمَها
|
وَسَيرِيَ فيها، يا ابنَة َ القَوْمِ، أعجَبُ
|
أسِيرُ وَسَرْجي بالنّجَادِ مُقَلَّدٌ
|
وَأثْوِي وَبَيْتي بالعَوَالي مُطَنَّبُ
|
وَمَصْقُولَة ِ الأعطافِ في جَنَباتِهَا
|
مراح لاطراف العوالي وملعب
|
تجر على متن الطريق عجاجة
|
يطارحها قرن من الشمس اعضب
|
نهار بلألاء السيوف مفضض
|
وَجَوٌّ بحَمْرَاءِ الأنَابِيبِ مُذْهَبُ
|
ترى اليوم محمر الخوافي كانما
|
عَلى الجَوّ غَرْبٌ مِنْ دَمٍ يَتَصَبّبُ
|
صدمنا بها الاعداء والليل ضارب
|
بارواقه جون الملاطين اخطب
|
أخَذْنَا عَلَيْهِمْ بالصّوَارِمِ وَالقَنَا
|
وَرَاعي نُجُومِ اللّيلِ حَيرَانُ مُغرِبُ
|
فلو كان امراً ثابتاً عقلوا له
|
وَلَكِنّهُ الأمْرُ الذي لا يُجَرَّبُ
|
يُرَاعُونَ إسْفَارَ الصّبَاحِ، وَإنّمَا
|
وراء لثام الليل يوم عصبصب
|
وكل ثقيل الصدر من جلب القنا
|
خفيف الشوى والموت عجلان مقرب
|
يجم اذا ما استرعف الكر جهده
|
كمَا جَمّتِ الغُدرَانُ وَالمَاءُ يَنضُبُ
|
وما الخيل الا كالقداح نجيلها
|
لغُنمٍ، فَإمّا فَائِزٌ أوْ مُخَيَّبُ
|
دعوا شرف الاحساب يا آل ظالم
|
فلا الماء مورود ولا الترب طيب
|
لَئِنْ كُنْتُمُ في آلِ فِهْرٍ كَوَاكِباً
|
إذا غاضَ منها كوْكَبٌ فاضَ كوكبُ
|
فنعتي كنعت البدر ينسب بينكم
|
جَهاراً، وَمَا كلّ الكَوَاكِبِ تُنسَبُ
|
صحبتم خضاب الزاعبيات ناصلاً
|
ومن علق الاقران ما لا يخضب
|
أُهَذِّبُ في مَدْحِ اللّئَامِ خوَاطِرِي
|
فاصدق في حسن المعاني واكذب
|
وَمَا المَدْحُ إلاّ في النّبيّ وَآلِهِ
|
يرام وبعض القول ما يتجنب
|
وَأوْلى بِمَدْحي مَنْ أعِزُّ بفَخْرِهِ
|
وَلا يَشْكُرُ النّعمَاءَ إلاّ المُهَذَّبُ
|
ارى الشعر فيهم باقياً وكانما
|
تُحَلِّقُ بالأشْعارِ عَنقَاءُ مُغرِبُ
|
وقالوا عجيب عجب مثلي بنفسه
|
واين على الايام مثل ابي اب
|
لعمرك ما اعجبت الا بمدحهم
|
وَيُحْسَبُ أنّي بالقَصَائِدِ مُعجَبُ
|
اعد لفخري في المقام محمدا
|
وَأدْعُو عَلِيّاً للعُلَى حينَ أرْكَبُ
|